سورة الممتحنة - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الممتحنة)


        


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {جِهَاداً}
(1)- هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَكَانَ حَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، هَاجَرَ مِنْ مكَّةَ، وَتَرَكَ فِيهَا مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْ قُرَيِشٍ. فَلَمَا أَرَادَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَتَحَ مَكَّةَ دَعَا رَبَّهُ اللهَ أَنْ يُعْمِيَ الأَخْبَارَ عَنْ قُرَيشٍ، حَتَّى يَأْخْذَهُمْ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ، فَكَتَبَ حَاطِبٌ كِتَاباً إِلَى قُرَيشٍ يُعَرِّفُهُمْ بِعَزْمِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَزْوِهِمْ، وَأَرْسَلَهُ مَعَ امْرَأَةٍ لِيَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَداً. وَأَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِالكِتَابِ، فَأَرْسَلَ الرَّسُولُ عَلِيّاً وَالزُّبَيْرَ، وَأَمَرَهُمَا بِالذَّهَابِ إِلَى رَوْضَةِ خَاخٍ لِيَأَتِيَاهُ بِالكِتَابِ مِنَ المَرْأَةِ، فَلَمَّا جَاءَاهَا طَلَبا مِنْهَا الكِتَابَ فأَنْكَرَتْهُ، فَهَدَّدَاهَا بِتَجْرِيدِهَا مِنْ ثِيَابِهَا لِتَفْتِيشِهَا، فَأَخْرَجَتِ الكِتَابَ مِنْ ضَفَائِرِ شَعْرِهَا.
وَسَأَلَ الرَّسُولُ حَاطِباً عَنِ الكِتَابِ فَاعْتَرَفَ وَقَالَ لِلرَّسُولُ إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كُفْراً، وَلا ارْتِدَاداً عَنِ الإِسْلامِ، وإِنَّمَا لِيَتَّخِذَ بِهِ يَداً عِنْدَ قُرَيشٍ يَحْمِي بِهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ. فَقَالَ الرَّسُولُ للصَّحَابَةِ إِنَّهُ صَدَقَكُمْ. وَقَالَ عُمْرُ بِنُ الخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنْقَ هَذَا المُنَافِقِ. فَقَالَ الرَّسُولُ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.
وَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ بِأَنْ لا يَتَّخِذَوا الكُفَّارَ أَعْواناً وَأَنْصَاراً لَهُمْ يُبَلِّغُونَهُمْ أَخْبَارَ الرَّسُولِ التِي لا ينْبَغِي لأَعْدَائِهِ أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَيهَا، وَقَدْ كَفَرَ هَؤُلاءِ الكُفَّارُ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتَابِهِ، فَكَيْفَ بِكُمْ بَعْدَ هَذَا تَتَّخِذُونَهُمْ أَنْصَاراً تُسِرُّونَ إِليهِمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَيُضُرُّ الرَّسُولَ والمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَينِ أَظْهَرِهِمْ كُرْهاً بِالتَّوْحِيدِ، وَإِخْلاصِ العِبَادَةِ للهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَنْبٌ يُؤَاخَذُونَ عَلَيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
فَإِنْ كُنْتُمْ، يَا أَيَّهُا المُؤْمِنُونَ، قَدْ خَرَجْتُمْ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِي، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي، فَلا تُوَلُوا أَعْدَائِي، وَمَنْ يَفْعَلْ هَذِهِ المُوَالاةَ، وَيُفْشِ سِرَّ الرَّسُول لأَعْدَائِهِ، فَقَدْ حَادَ عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ المُوصِلَةِ إِلَى الجَنَّةِ.
أَوْلِيَاءَ- أَعْواناً تَوَادُّونَهُمْ وَتُنَاصِحُونَهُمْ.
أَنْ تُؤْمِنُوا- لإِيْمَانِكُمْ أَوْ كَرَاهَةً لإِيْمَانِكُمْ.


{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}
(2)- إِنْ ظَفِرَ بِكُمْ هَؤُلاءِ الكَافِرُونَ، الذِينَ تُلْقَونَ إِليهِم بِالمَوَدَّةِ، يُظْهِرُوا لَكُمْ عَدَاوَتَهُمْ، وَيَمُدُّوا إِليكُمْ أَيدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُمْ بِمَا يَسُوؤُكُمْ: يُقَاتِلُونَكُمْ وَيَشْتَمُونَكُمْ وَيَتَمَنَّونَ لَو تَكْفرُونَ بِرَبِّكُمْ فَتَكُونُوا عَلَى مِثْلِ دِينِهِمْ، فَكَيْفَ تُسِرُّونَ إِلَى هَؤُلاءِ بِالمَوَدَّةِ وَهَذِهِ هِيَ حَالُهُمْ؟..
يَثْقَفُوكُمْ- يَظْفَرُوا بِكُمْ- أَوْ يُصَادِفُوكُمْ.
يَبْسُطُوا إِلَيكُمْ- يَمُدَّوا إِلَيكُمْ أَيْدِيهُمْ بِالضَّرْبِ وَأَلْسِنَتهُمْ بِالشَّتْمِ وَالإِيْذَاءِ.


{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}
{أَوْلادُكُمْ} {القيامة}
(3)- وََيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الذِي اعْتَذَرَ بِرَغْبَتِهِ فِي المُحَافَظَةِ عَلَى أَوْلادِهِ وَأَمْوَالِهِ فِي مَكَّةَ، بِأَنَّ الأَقَارِبَ وَالأَوْلادَ، الذِينَ تُوَالُونَ الكُفَّارَ مِنْ أَجْلِهِمْ، لَنْ يَنْفَعُوكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَنْ يَدْفَعُوا عَنْكُمْ شَيئاً مِنْ عَذَابِ اللهِ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُ فِي الدُّنْيَا، لأَنَّهُ سَيَفْصِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِمْ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ العَصِيبِ. وَيَذْهَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَأْنٌ يُغَنِيهِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُهُ العِبَادُ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5